هذه الحقيقة هي الحقيقة الأولى والأخيرة التي يجب أن ندركها في هذا الشهر الفضيل؛ فالصيام هو الذي يربي في الإنسان الإرادة، ويزوده فوق ذلك بصفة التقوى، هذه الصفة التي لو امتلكها الإنسان وتسلح بها لاستطاع أن يقاوم ضغط الشهوات، وضغط المجتمع..
والتقـوى هي أعظم سلاح بيـد الإنسان، يستطيع بواسطتـه أن يسخر الطبيعة ويذللها له. وفي هذا المجال يقول القرآن الكريم :
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } ( البقرة / 183 )
فالهدف من الصيام هو تنمية ملكة التقوى في نفس الإنسان، ولكن هل بإمكان هذا الإنسان أن ينتفع من الصيام دون أن يسعى من أجل الحصول على هذه الصفة المثالية ؟
الجواب بالنفي طبعاً. فالذين يصومون دون أن يخلصوا لله تعالى عبادتهم، ودون أن يوحوا إلى أنفسهم بالدافع الحقيقي إلى الصوم، ويصومون دون أن يتورعوا في أيام وساعات صومهم ويوم إفطارهم.. فان مثل هؤلاء لايمكن أن يستفيدوا من شهر رمضان، كما جاء في الحديث الشريف :
" كم من صائم ليس له من صيامه إلاّ الجوع والعطش ".
وبالإضافة إلى ذلك فان شهر رمضان المبارك هو ربيع الدعاء، والدعاء هو مدرسة للإنسان يستطيع من خلال التتلمذ فيها أن يصعد إلى أعلى عليين بأن يصقل ذاته، ويبلور مواهبه، ويتعرف على الطاقات الكامنة في نفسه ليستخرج كنوزها من خلال الدعاء .
وصلى الله على نبينا محمد واله الطاهرين